الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

نقطة تحول نحو النجومية : جيانلويجي بوفون

لحظة واحدة قد تكون كفيلة  بتغيير  مجرى حياتنا  , إما نحو الأحسن أو نحو الأسوأ , أما و قد تكون تلك اللحظة نقطة تحول حياتك نحو النجومية و النجاح و التألق فهذا بالتأكيد شيء لا يحدث لكل الناس بل للمميزين فقط بيننا...وما أفضل مثال على هذا إلا الأسطورة الإيطالية الحية جيانلويجي بوفون.

أقيم مونديال 1990 على الأراضي الإيطالية و شهد تتويجا منطقيا للألمان...مستوى خرافيا للطليان بهدافهم المفاجأة آنذاك طوطو سكيلاتشي...و لكن أهم ما ميز تلك البطولة كان الظهور المميز و التاريخي لأسود الكاميرون غير المروضة بنجمهم الكهل روجي ميلا , و لكن سر نجاح الكاميرون كان الحارس الشجاع توماس نكونو الذي كان سيوصل بلاده للدور قبل النهائي لولا حصول  الهداف الانغليزي غاري لاينكر على ضربتي جزاء أواخر اللقاء بددت أحلام كل الإفريقيين...أهم مباراة لأسود الكاميرون في تلك الدورة كانت ضد بطل العالم راقصو التانغو فقد هزموهم 1-0 في ملعب جيوسيبي ميازا بميلانو...و شهدت تألق غير عادي لحارس مرمى كان عاديا.

يومها كان في الملعب طفل في ال12 من عمره جاء خصيصا إلى ميلانو لمشاهدة أسطورة نابولي دييغو مارادونا...ولكن لاعبا آخرا خطف انتباه الطفل و إعجابه بتألقه غير العادي أمام مارادونا و رفاقه...كانت قوة شخصية ذلك الحارس و طريقة قيادته لفريقه سببا في تحول الطفل لمناصرة الكاميرون في تلك البطولة جنبا إلى جنب مع إيطاليا ...تابع الرجل الصغير مشوار الكاميرون بكل شغف و بكى بكل حرقة لما أقصاهم لاينكر في مباراة كان نكونو طرفها الأبرز, من يومها قرر ذلك الولد أن يجعل من توماس نكونو ملهمه الأول و قدوته...كان لاعب خط وسط مغمور و أحيانا مدافعا مساكا بطيئا جدا فقرر تبديل مركزه نحو حراسة المرمى ليسير على خطى قدوته الأولى توماس نكونو.......اسم ذلك الشاب الصغير كان مجهولا حتى لأبناء حيه و لكنه الآن من أبرز الإيطاليين شهرة في التاريخ...نتحدث عن أسطورة مازالت تتألق...نتحدث عن الوحش جيانلويجي بوفون.

 نكونو كان في ال31 من عمره و مع تقدمه في السن فقد انخفض مستواه بينما بدأ نجم بوفون يسطع فشارك لأول مرة مع الفريق الأول لبارما يوم 19/11/1995  و أصبح حارسهم الأول منذ موسم 1996/1997 بل ولم يكتف بذلك فقادهم للقب كأس الإتحاد الأوروبي سنة 1999. و مع تألقه اللافت استدعي للعب مع المنتخب الأزوري سنة 1997 و لكنه لم يثبت أقدامه في المنتخب حتى سنة 2002 لسببين هما كثرة إصاباته من جهة و وجود حارس كان اسمه جيانلوكا بايلوكا في مونديال 1998 من جهة أخرى.
انتقل للعب في اليوفي سنة 2001 في أكبر صفقة لحارس مرمى في التاريخ و مازال إلى اليوم يتألق في نادي السيدة العجوز و هذا ليس بموضوع يعالج سيرته الذاتية لأنها و إن سردت فلن يكفيها كتاب.


ماذا لو لم يشاهد بوفون نكونو في ذلك اليوم??:

1- لكان قد استمر كوسط ميدان فاشل , أو كمساك ضعيف و لكان اليوم لاعبا مغمورا جدا يقبع في دوريات الظلام بين أندية القاع في شمال إيطاليا.
2- لما كان نادي بارما ليحرز كأس الاتحاد الأوروبي أبدا , و لما كان بايلوكا ليترك حراسة مرمى إيطاليا فالطليان معروفون بصعوبة تبديلهم لحارسهم و خصوصا لو كان متألقا ((أبرز مثال دينو زوف )).
3- الشيء المؤكد أن إيطاليا ماكانت لتحرز لقب كأس العالم , بل و أكثر من ذلك كانت لتذل أكثر من مرة لما كان مستواها مهزوزا ( نتحدث عن الفترة بين 2000 و 2004 أي مرحلة بناء المنتخب بعد اعتزال باجيو و كاربوني و رافانيلي.... ) و لكن بوفون كان منقذها الأول .
4- يوجد جدال دائم حول أفضل حارس في تاريخ كرة القدم...كاسياس يبدو أضعف المرشحين ((لضعف شخصيته القيادية و للعبه دوما في فريق متكامل))...دائما ما ينحصر الخيار بين أوليفر كان و بوفون فقد كان لقب أحسن حارس في العالم ينحصر بينهما...ما ينقص كان كأس العالم و ما ينقص بوفون دوري الأبطال...كلاهما غير مفهوم كلمة حارس مرمى....تصوروا أصدقائي لو لم يكن بوفون حارسا....أكيد أوليفر كان سيكون أفضل حارس في تاريخ كرة القدم.
5- ماكان بوفون أبدا ليكون الرجل و الإنسان الذي هو عليه الآن ....الملفت أن اسم ابنه كان ليكون باولو أو فرانشيسكو أو أي اسم إيطالي آخر...أكيد ما كان ليسمي ابنه توماس ((ربما توماتسيو بالايطالية )) تيمنا بتوماس نكونو.
6- الشيء الطريف في كل هذا...لو لم يذهب الطفل بوفون لمشاهدة ذلك اللقاء...ماكنت لأكتب هذا المقال من الأساس و ماكنت لا أنا و لا أنت و لا حتى أي إيطالي ملم بالكرة ليعرف من هو جيانلويجي بوفون.


غريبة هي الحياة..ففي لحظة يمكن لشيء حصل أو لإنسان قابلته أن يكون نقطة تحول في حياتك...أختم مقالي هذا بشهادة لبوفون نفسه يوم رزق بولده الأول " لابني اسم قدوتي نكونو.هذا الولد سيخلد اسم كأس العالم 1990 , كنت تيفوزو بحب غير مشروط للكاميرون ..كان توماس نكونو يلهمني  ...كانت لديه طريقة خاصة للتعبير عن دور حارس مرمى في الفريق .لقد غيُر مسيرتي و من ثم حياتي بأكملها.تحولت من لاعب خط وسط إلى حارس مرمى فقط للسير على خطى قدوتي الأولى".
.............................................

CHEHEB MOH WISSEM.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق